الأحد، 2 ديسمبر 2012

أثر التلفزيون على الطفل و نموه المتكامل


من المعروف أن لتلفزيون ، يلعب في الوقت الحاضر ، دوراً فاعلاً في حياة الناس ، فينقل إليهم و هم في بيوتهم أو في أي موقع يتواجدون فيه العلم و المعرفة و الخبرة و التسلية و الترفيه ، كما يعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية فعالية في تطوير الناس و توجيههم .

كما اعتبر من الوسائل الناجحة في تعليم الصغار و الكبار ، حيث استخدم في كثير من الجامعات و المدارس ورياض الأطفال و دور الحضانة ، و تغطي برامجه معظم نواحي الحياة ، و تتوجه إلى جميع الفئات و الأعمار ، ويبث برامج تعليمية للمراحل المختلفة ، وبرامج ثقافية ، وبرامج ترفيهية ، و إعلامية ، و إخبارية ، و اجتماعية للأسر و الأفراد ، و برامج للهواة و الفنون على اختلاف ألوانها .
و لذلك كله ، يلعب دوراً مؤثراً في حياة الناس ، وبخاصة فئة الأطفال منهم لأنهم أكثر الفئات مشاهدة له و يعطونه وقتاً أطول في متابعة برامجه المخصصة لهم لذلك لا بد من معرفة الآثار الايجابية و السلبية لهذه المشاهدات في حياة الأطفال و مراحل نموهم المختلفة . فقد أثبتت الدراسات في هذا المجال أن الطفل يقع في حيرة من أمره ، ويصاب بالوهم فيما يشاهده على الشاشة الصغيرة من أنه الواقع أو الحقيقة .

فالطفل يستطيع أن يشاهد عرضاً واقعياً لأحداث تمر في الحياة ينقلها التلفزيون بتفصيلاتها كما هي على أرض الواقع ، ويتأكد من واقعية و حقيقة ما يشاهد . و لكنه لا يستطيع أن يتصور أنه في مشهد غير واقعي أو حقيقي عندما يشاهد مشهداً درامياً فيه ممثلون يعطون التمثيل حقه من تقمص الواقع بتفصيلاته .

و من خلال سرد الوقائع و الأحداث في إطار متكامل مع الكلمة و الصورة ، يتأكد الطفل من مشاهدته للحدث ومكانه وزمانه ، وكأنه يعايشه و اقعياً .
لذلك كله فالطفل عندما ينظر إلى التلفزيون يعتبره مرآة تعكس الواقع و الحقيقة كما هي ، دون تدخل ، أو تعديل أو تغيير ، مع أن الواقع العلمي يؤكد قدرة التلفزيون على التعديل و التغيير حسب رأي المعدين و المخرجين و المصورين ، كما أنه يملك القدرة على التلاعب الدرامي في المشهد التمثيلي و القصصي المعروض على الأطفال ، و ذلك بتدخل كاتب النص و المخرج و الممثل و إمكانات التصوير مما يجعل ما يعرض في المشهد الدرامي غير الواقع الحقيقي ، لكن الإمكانات الفنية للعرض تخلط للأطفال هذا الوهم بالحقيقة و الواقع .

و هذا مما يؤكد أن التلفزيون قادر على العرض الواقعي ، كما هو قادر على عرض تقريبي للواقع بواسطة التدخل الفني و التكنولوجي .

و من المعروف أيضاً أن منتجي برامج الأطفال التلفزيونية لا يركزون دائماً على إظهار عنصر الخير و حده ، أ, عنصر الشر و حده ، و إنما يمررون هذين العنصرين ضمن إطار من المداخلات ذات الطابع النفساني أو الاجتماعي أو الجسدي . مع أنهم يعرفون أن الطفل لا يستطيع الربط بين المداخلات النفسية ، و بين الظواهر البارزة ، ولا يعلق في ذاكراته إلا المميز .

و لا يخفى و الحالة هذه أن المشاهدين الكبار لبرامج التلفزيون يستطيعون التمييز بين الحقيقة المعروضة ، والحيل الفنية الآلية ، لكن الطفل لا يستطيع ذلك ، لعدم اطلاعه على حيل الألعاب التصويرية ، فينظر إليها على أنها حقائق منظورة .

و هذا مما له الأثر النفسي في نمو الطفل ، مع أنه أثر قد يهتز بدرجات متفاوته حسب مراحل النمو العمري ، ولكنه يبغى ثابتاً بنسبة عالية حتى الاستمرار في النمو الإدراكي و العقلي عند الطفل .
و هناك أثر واضح للتلفزيون في جوانب نمو شخصية الأطفال ، منها أن الطفل الذي يقضي وقتاً طويلاً أمام شاشة التلفزيون ، قد يؤدي به ذلك على تخلف في قدراته على التصور و التخيل و الإبداع و الابتكار ، وهذا ما يتناقض عادة و المطالعة التي تكسب الأطفال النظر إلى الصور المقروءة التي تمثلها الحروف ، مما يؤدي إلى استيعابها و فهم مدلولاتها الفردية و الجماعية ، و الطفل عندما يقرأ و يطالع الكتاب يتمتع بقدرة على التخيل الحر في استخلاص الصور و المعاني و المفاهيم م خلال الحروف و الكلمات و التراكيب .

و هذه التخيلات و التصورات هي التي تنمي حركة الفكر و العاطفة و الشعور ، أما خلال مشاهدة الطفل التلفزيون ، فإنه ينظر إلى صور جاهزة في إطارها العام و في تفاصيلها التي تكون معدة من قبل خبراء في النص والديكور و التصوير و الإخراج و الصوت فتبدو و كأنها هي الأكمل و الأفضل و الأسهل ، فيأخذها الطفل كحقيقة مسلمة ، لا تحتاج منه إلى التفكير و التخيل و التصور ، مما يبطيء في تنمية حركة الفكر و التخيل عنده .
و أثر التلفزيون في هذه الحالة على الطفل ، هو تعويده على مزيد من السهولة في طلب الأشياء و الحصول عليها ، فالتلفزيون قادر على إيصال المضمون إلى الطفل في مراحل عمره المتقدمة بحيث يكون باستطاعته ، وهو في مرحلة ما قبل المدرسة أن يرى التلفزيون وسيلة دافعية للمطالعة ، عندما يحس الطفل في مرحلة المدرسة أنه بحاجة إلى استكمال ما شاهد من معلومات غير مستكملة في البث التلفزيوني ، وبخاصة أن التلفزيون يملك وسائل ترغيبية تربوية تحث الطفل على مطالعة الكتب ، مع إعلامه بالكتب الصادرة قديماً و حديثاً .

أما على مستوى لعب الأطفال فإن التلفزيون يحد من انطلاقة الطفل غير المقيدة في اللعب و الحركة المرافقة ، لكنه قد يبرمج له ألعاباً تربوية و ثقافية و نشاطات يدوية و فنية و موسيقية ذات فائدة .

و من الناحية اللُغوية ، فالتلفزيون له أثر على تكونها و نموها عند الطفل ، و بخاصة إذا ما عرفنا أن النمو اللغوي عند الطفل مرتبط باستماعه إلى كلام الآخرين في المرحلة الأولية من تعلمه اللغة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق