من المعروف أن لتلفزيون ، يلعب في الوقت
الحاضر ، دوراً فاعلاً في حياة الناس ، فينقل إليهم و هم في بيوتهم أو في أي موقع يتواجدون
فيه العلم و المعرفة و الخبرة و التسلية و الترفيه ، كما يعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية
فعالية في تطوير الناس و توجيههم .
كما اعتبر من الوسائل الناجحة في تعليم
الصغار و الكبار ، حيث استخدم في كثير من الجامعات و المدارس ورياض الأطفال و دور الحضانة
، و تغطي برامجه معظم نواحي الحياة ، و تتوجه إلى جميع الفئات و الأعمار ، ويبث برامج
تعليمية للمراحل المختلفة ، وبرامج ثقافية ، وبرامج ترفيهية ، و إعلامية ، و إخبارية
، و اجتماعية للأسر و الأفراد ، و برامج للهواة و الفنون على اختلاف ألوانها .
و لذلك كله ، يلعب دوراً مؤثراً في حياة
الناس ، وبخاصة فئة الأطفال منهم لأنهم أكثر الفئات مشاهدة له و يعطونه وقتاً أطول
في متابعة برامجه المخصصة لهم لذلك لا بد من معرفة الآثار الايجابية و السلبية لهذه
المشاهدات في حياة الأطفال و مراحل نموهم المختلفة . فقد أثبتت الدراسات في هذا المجال
أن الطفل يقع في حيرة من أمره ، ويصاب بالوهم فيما يشاهده على الشاشة الصغيرة من أنه
الواقع أو الحقيقة .
فالطفل يستطيع أن يشاهد عرضاً واقعياً لأحداث
تمر في الحياة ينقلها التلفزيون بتفصيلاتها كما هي على أرض الواقع ، ويتأكد من واقعية
و حقيقة ما يشاهد . و لكنه لا يستطيع أن يتصور أنه في مشهد غير واقعي أو حقيقي عندما
يشاهد مشهداً درامياً فيه ممثلون يعطون التمثيل حقه من تقمص الواقع بتفصيلاته .
و من خلال سرد الوقائع و الأحداث في إطار
متكامل مع الكلمة و الصورة ، يتأكد الطفل من مشاهدته للحدث ومكانه وزمانه ، وكأنه يعايشه
و اقعياً .
لذلك كله فالطفل عندما ينظر إلى التلفزيون
يعتبره مرآة تعكس الواقع و الحقيقة كما هي ، دون تدخل ، أو تعديل أو تغيير ، مع أن
الواقع العلمي يؤكد قدرة التلفزيون على التعديل و التغيير حسب رأي المعدين و المخرجين
و المصورين ، كما أنه يملك القدرة على التلاعب الدرامي في المشهد التمثيلي و القصصي
المعروض على الأطفال ، و ذلك بتدخل كاتب النص و المخرج و الممثل و إمكانات التصوير
مما يجعل ما يعرض في المشهد الدرامي غير الواقع الحقيقي ، لكن الإمكانات الفنية للعرض
تخلط للأطفال هذا الوهم بالحقيقة و الواقع .
و هذا مما يؤكد أن التلفزيون قادر على العرض
الواقعي ، كما هو قادر على عرض تقريبي للواقع بواسطة التدخل الفني و التكنولوجي .
و من المعروف أيضاً أن منتجي برامج الأطفال
التلفزيونية لا يركزون دائماً على إظهار عنصر الخير و حده ، أ, عنصر الشر و حده ، و
إنما يمررون هذين العنصرين ضمن إطار من المداخلات ذات الطابع النفساني أو الاجتماعي
أو الجسدي . مع أنهم يعرفون أن الطفل لا يستطيع الربط بين المداخلات النفسية ، و بين
الظواهر البارزة ، ولا يعلق في ذاكراته إلا المميز .
و لا يخفى و الحالة هذه أن المشاهدين الكبار
لبرامج التلفزيون يستطيعون التمييز بين الحقيقة المعروضة ، والحيل الفنية الآلية ،
لكن الطفل لا يستطيع ذلك ، لعدم اطلاعه على حيل الألعاب التصويرية ، فينظر إليها على
أنها حقائق منظورة .
و هذا مما له الأثر النفسي في نمو الطفل
، مع أنه أثر قد يهتز بدرجات متفاوته حسب مراحل النمو العمري ، ولكنه يبغى ثابتاً بنسبة
عالية حتى الاستمرار في النمو الإدراكي و العقلي عند الطفل .
و هناك أثر واضح للتلفزيون في جوانب نمو
شخصية الأطفال ، منها أن الطفل الذي يقضي وقتاً طويلاً أمام شاشة التلفزيون ، قد يؤدي
به ذلك على تخلف في قدراته على التصور و التخيل و الإبداع و الابتكار ، وهذا ما يتناقض
عادة و المطالعة التي تكسب الأطفال النظر إلى الصور المقروءة التي تمثلها الحروف ،
مما يؤدي إلى استيعابها و فهم مدلولاتها الفردية و الجماعية ، و الطفل عندما يقرأ و
يطالع الكتاب يتمتع بقدرة على التخيل الحر في استخلاص الصور و المعاني و المفاهيم م
خلال الحروف و الكلمات و التراكيب .
و هذه التخيلات و التصورات هي التي تنمي
حركة الفكر و العاطفة و الشعور ، أما خلال مشاهدة الطفل التلفزيون ، فإنه ينظر إلى
صور جاهزة في إطارها العام و في تفاصيلها التي تكون معدة من قبل خبراء في النص والديكور
و التصوير و الإخراج و الصوت فتبدو و كأنها هي الأكمل و الأفضل و الأسهل ، فيأخذها
الطفل كحقيقة مسلمة ، لا تحتاج منه إلى التفكير و التخيل و التصور ، مما يبطيء في تنمية
حركة الفكر و التخيل عنده .
و أثر التلفزيون في هذه الحالة على الطفل
، هو تعويده على مزيد من السهولة في طلب الأشياء و الحصول عليها ، فالتلفزيون قادر
على إيصال المضمون إلى الطفل في مراحل عمره المتقدمة بحيث يكون باستطاعته ، وهو في
مرحلة ما قبل المدرسة أن يرى التلفزيون وسيلة دافعية للمطالعة ، عندما يحس الطفل في
مرحلة المدرسة أنه بحاجة إلى استكمال ما شاهد من معلومات غير مستكملة في البث التلفزيوني
، وبخاصة أن التلفزيون يملك وسائل ترغيبية تربوية تحث الطفل على مطالعة الكتب ، مع
إعلامه بالكتب الصادرة قديماً و حديثاً .
أما على مستوى لعب الأطفال فإن التلفزيون
يحد من انطلاقة الطفل غير المقيدة في اللعب و الحركة المرافقة ، لكنه قد يبرمج له ألعاباً
تربوية و ثقافية و نشاطات يدوية و فنية و موسيقية ذات فائدة .
و من الناحية اللُغوية ، فالتلفزيون له
أثر على تكونها و نموها عند الطفل ، و بخاصة إذا ما عرفنا أن النمو اللغوي عند الطفل
مرتبط باستماعه إلى كلام الآخرين في المرحلة الأولية من تعلمه اللغة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق